هي الحياة



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

هي الحياة

هي الحياة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
هي الحياة

الجميع يستطيعون المشاركه

سلامي لكل اعضاء المنتدى -منورين-فيصل-
كل الهلا نورتوا المنتدى- ريام-
السلام عليكم حبايب وغوالي ان شاء الله الكل بخير..شمس الاصيل..
السلام عليكم يا ابناء  وبنات العراق-حياة-
نرحب بك عطا في المنتدى-نريد المساهمه

المواضيع الأخيرة

» حبيبتى عندها زهايمر!!!
الزهاوي شاعر المرأة وترحاله---الجزء الاول---يتبع Icon_minitimeالإثنين مايو 18, 2009 7:46 am من طرف عطا المصراوية

» قصر صدام حسين بلاتوه سنيمائى!!!
الزهاوي شاعر المرأة وترحاله---الجزء الاول---يتبع Icon_minitimeالإثنين مايو 18, 2009 7:23 am من طرف عطا المصراوية

» السعادة الحقبقية
الزهاوي شاعر المرأة وترحاله---الجزء الاول---يتبع Icon_minitimeالأحد مايو 17, 2009 9:20 pm من طرف عطا المصراوية

» مواقف ومعانى!!
الزهاوي شاعر المرأة وترحاله---الجزء الاول---يتبع Icon_minitimeالأحد مايو 17, 2009 8:05 pm من طرف عطا المصراوية

» الحب أعمى» والتمثيل لم يرضني
الزهاوي شاعر المرأة وترحاله---الجزء الاول---يتبع Icon_minitimeالأحد مايو 17, 2009 1:08 pm من طرف فيصل ابو ريشه

» غادة عبد الرازق
الزهاوي شاعر المرأة وترحاله---الجزء الاول---يتبع Icon_minitimeالأحد مايو 17, 2009 1:03 pm من طرف فيصل ابو ريشه

» تعدد الزوجات فى ظل التشريع الاسلامى
الزهاوي شاعر المرأة وترحاله---الجزء الاول---يتبع Icon_minitimeالسبت مايو 16, 2009 6:38 pm من طرف عطا المصراوية

» فوائد القرنبيط الصحيه
الزهاوي شاعر المرأة وترحاله---الجزء الاول---يتبع Icon_minitimeالسبت مايو 16, 2009 2:18 pm من طرف فيصل ابو ريشه

» فوائد البطيخ
الزهاوي شاعر المرأة وترحاله---الجزء الاول---يتبع Icon_minitimeالسبت مايو 16, 2009 2:12 pm من طرف فيصل ابو ريشه


    الزهاوي شاعر المرأة وترحاله---الجزء الاول---يتبع

    حياة
    حياة
    عضو متألق
    عضو متألق


    عدد المساهمات : 59
    نقاط : 166
    السٌّمعَة : 1
    تاريخ التسجيل : 05/04/2009
    العمر : 54

    الزهاوي شاعر المرأة وترحاله---الجزء الاول---يتبع Empty الزهاوي شاعر المرأة وترحاله---الجزء الاول---يتبع

    مُساهمة من طرف حياة الخميس أبريل 16, 2009 11:49 am

    الترحال أيقظ حواس شاعر المرأة العراقية
    الزهاوي في صنعاء...كيف غيّرت المدينة زائرهـا ؟


    علي حداد
    والزّهاوي هو الشاعر العراقي ( جميل صدقي الزّهاوي ) الذي يقرن مع الشاعر العراقي الآخر( معروف الرّصافي ) ليكون ثاني اثنين قيض لهما أن يكونا بداية عصر جديد للشعرية العراقية ، بما أنضجاه من وعي ورؤية ومواقف دلت علي حضورهما الفاعل ودورهما في الارتقاء بالشعر من وهدة انشغالاته باردة الروح في القرن التاسع عشر إلي حيث يصبح في القرن العشرين اللاحق تجربة إنسانية وأدبية تسلك آفاقها نحو التطور والاتساع المعرفي الجاد والإنجاز الجمالي بذائقة وثقافة مغايرين لما كان سائداً قبلهما أو معهما



    لقد انضوي الشاعران إلي صف جيل شعري أعلن عن نفسه في أكثر من قطر عربي ، أطلق عليه وصف ( جيل الإحياء الشعري ) الذي سعي ـ بوعي مدرك ـ إلي تأمل الموروث الأدبي العربي في أنضج عصوره وأخصبها، رغبة في إحياء قيمه والنسج علي منوالها، ثم الانطلاق نحو ما يفرضه العصر من ثقافة مستحدثة ومجالات معرفة متدافعة ووقائع سياسية واجتماعية لا يمكن التغاضي عنها، ليصبح وعي التجديد ودعوات التطور واستلهام روح العصر وقيمه مؤشراً مهماً لقراءة تجربة ذلك الجيل الشعري واستنطاقها. ليس في منجزه الشعري وحده بل في مجمل ما كتبه ، وما أسس له من مواقف وتجارب ذات نزوع إنساني ومعرفي دال.
    نال الزهاوي مكانته في الثقافة العربية عامة والعراقية علي نحو خاص ليس من خلال ما اختطه لتجربته الشعرية من رؤي وانشغالات بينة الخصوصية عنده بل وبما تعاور وجوده الإنساني من مواقف وادعاءات فكرية واجتماعية تركته عرضة للمشاكل ، وأثارت عليه فئات مختلفة ، من دون أن يردعه ذلك عن التمسك بقناعاته والصداح المتطاول بدعاواها. وإذ لم تعد كثير من أفكار الزهاوي ذات الوجهة الجدلية في قضايا السياسة والاجتماع والمعارف والفلسفات مما يثير اليوم خلافاً، أو يستعاد الحديث الطويل فيه ، بعد أن أمسي مسلمات سلوكية وتعبيرية عامة، فلعل ما طرحه من فهم للتجديد في الأدب ـ ولاسيما الشعرـ مما لم يتم تجاوزه ، إذ ما يزال فضاء الجدل فيه متسعاً
    لقد كان تبرم الزهاوي بالسائد التقليدي من الشعر في عصره وجهة معلنة طال تردده عليها وصداحه بها، في تأكيد رغبته أن يسلك الشعر فضاء التجديد وقيمه ، فهو القائل:
    سئمت كل قديم
    عرفته في حياتي
    إن كان عندك شيء
    من الجديد فهاتِ(1)
    ومنطلق التجديد عند الزهاوي استجابة يقينية لحركية الحياة وتطورها الذي يفترض بالشاعر أن يتمثلها ، لينال وصف ( الشاعر العصري )، وهو ـ طبقاً لما رآه الزهاوي ـ : "من يقول الشعر بدواع عصرية أكثرها اجتماعي، كأن يشاهد ظلامه فيصورها في شعره ، داعياً بذلك الأمة إلي إزالتها... أو أن يري عادة شائنة للمجتمع ، فيقبحها بتصوير ما يلحقه من أضرار بسببها "(2)
    ولتأكيد هذا المسعي فإن علي الشاعر العصري أن يبحث لشاعريته عن منافذ رؤية وتشكيل غير تلك التي توارثناها عن الأسلاف، إذ : "لا ينبغي أن نبقي جامدين علي الطراز الأول الذي استحسنه أجدادنا الشعراء" .(3)
    ويبدو أن دعوة الزهاوي إلي التجديد الموضوعاتي في الشعر، قصد (عصرنته) قد اصطدمت عنده بعائق فني رادع هو ( القافية )، فهتف داعياً إلي تخليص الشعر العربي منها:
    كل الفنون تجددت
    والشعر يعوزه الجديد
    ما قام حتي أثقلته
    من قوافيه القيود
    مـا ضرّ سامعـها لـو اختلفـت قـوافيـه القـصيد(4)
    ومن خلال استقراء موضوعي لمسيرة الشعر العربي وحركيته يعلن الزهاوي ـ ومنذ أوائل القرن العشرين ـ نبؤته عن المصير الذي ستؤول إليه ( القافية ) التي رآها ـ ومن تبن مؤمن بنظرية ( النشوء والارتقاء ) الدارونية. بمثابة : "عضو أثري قد زال معظمه ، وسوف يزول ما بقي منه في جسد الشعر بتوالي الأيام "(5) وعند ذلك ـ يؤكد الزهاوي ـ: "سيكون الشاعر حراً في أن ينظم ما يشاء من المعاني"(6).
    وكان الزهاوي دقيقاً في استشرافه هذا، الذي لم يمض عليه عقدان من الزمان حتي كانت التجربة الشعرية العربية قد دلفت إلي آفاق تطورها المثير، بظهور (الشعر الحر) ومناداة روّاده بكسر القوالب الموروثة، وتخطي القافية الواحدة، وترك البيت الشعري منساباً مع الانثيال الشعوري والتعبيري وحركيتهما.
    حفيد خالد بن الوليد
    استناداً إلي ما ذكره الزهاوي في كتاباته ورسائله فإن جذوره في النسب ـ التي يظن الكثيرون أنها كردية ـ تؤكد عروبته ، إذ يتصل نسب عائلته البعيد بالقائد العربي ( خالد بن الوليد ) . وقد هاجر أحد أجداد الشاعر إلي شمال العراق، وسكن هناك في قرية اسمها ( زهاو) ومنها جاء لقب العائلة
    ( الزهاوي).(7)
    ويبدو أن وجهة الاشتغال بالعلوم الدينية والتفقه بها كانت غالبة علي بعض أبناء تلك العائلة ، فقد تهيأ لوالد الزهاوي نفسه ، الشيخ ( محمد فيضي ) من المكانة والشهرة أن يستدعيه والي بغداد العثماني في العام 1853م ، ويسند إليه منصب ( مفتي بغداد ) الذي ظل يشغله حتي وفاته في العام 1890.
    أراد ذلك الأب الفقيه لابنه ( جميل صدقي ) المولود في العام 1863م أن يسير علي منهجه، كما كانت عليه الحال مع بعض إخوته الآخرين . ولكن ميول الزهاوي الشاب لم تكن لتجد بغيتها في العلوم الشرعية والفقهية. فهو مع دراسته لها كان كثير الاطلاع والملاحقة لما ينشر من كتب ومجلات وصحف تتناول المعارف والفلسفات الحديثة التي أفاض في تأملها ومناقشتها والرد عليها ، حتي كوّنَ لنفسه مآلات فلسفية وفكرية خاصة، نأت به تماماً عن المسار المعرفي الذي أريد له أن يسلكه ،ولاسيما بعد أن أتيح له الاطلاع علي ثقافة الغرب وعلومه وفلسفاته ، وما تهيأ له من إتقان لأكثر من لغة شرقية، ثم سفراته المتعددة إلي خارج العراق، حيث التقي بكثير من المفكرين والأدباء والسياسيين ومن مختلف القوميات والمشارب الثقافية.
    مارس الزهاوي في مقتبل حياته العملية وظائف عدة، فقد اشتغل مدرساً في بغداد، ثم أصبح عضواً في دائرة معارفها. وفي العام 1890م عين مديراً لمطبعة ولاية بغداد، ثم رئيساً لتحرير القسم العربي في جريدة ( الزوراء ) الرسمية التي صدرت آنذاك. وبعد سنتين من ذلك أصبح عضواً في محكمة استئناف بغداد، وهي الوظيفة التي بقي فيها حتي العام 1896م ، حيث غادر إلي عاصمة الخلافة العثمانية ( اسطنبول ) بدعوة رسمية من السلطان ( عبد الحميد ) الذي وصلت إليه شهرة الزهاوي ، بوصفه شاعراً وفيلسوفاً مجدداً له مكانته البارزة ، بعد أن كانت كثير من الصحف التركية والعربية تنشر قصائده ومقالاته، وفي أكثر من قطر ومدينة.
    مرّ ( الزهاوي ) ـ وهو في طريقه إلي اسطنبول ـ علي بلاد الشام ومصر فحظي هناك بكثير من الحفاوة والتقدير، وأقيم علي شرفه أكثر من احتفال، ألقي فيها بعض قصائده، وناقش عدداً من العلماء والأدباء فيما تحقق له من أفكار فلسفية وعلمية خاصة.
    وبعد مدة من وصول ( الزهاوي ) إلي عاصمة الخلافة، كانت الحرب قد اندلعت بين الجيشين العثماني واليوناني. وحين انتصر العثمانيون سارع الزهاوي بنظم قصيدته ( الفتح الحميدي ) التي أشاد فيها بذلك الانتصار ومدح السلطان( عبد الحميد ) في ثناياها الأمر الذي استحسنه الأخير، فصدرت إرادته السلطانية بتكريم الزهاوي ، وتعيينه واعظاً عاماً في اليمن التي سافر إليها في أواخر العام 1897م ، بصحبة اللجنة الإصلاحية التي عينها السلطان لتقصي أوضاع اليمن ، واقتراح الحلول لمشكلاتها التي تفاقمت آنذاك.
    وقد قضي الزهاوي في اليمن ما يقارب السنة، قام فيها بمهمته علي نحو نال فيه الإعجاب، ليمنحه السلطان عبد الحميد ـ بعد أن استدعاه إلي اسطنبول ـ رتبة دينية هي ( بلاد خمس الموصلة ) ، وينعم عليه بوسام السلطنة من الدرجة الثالثة.
    يعرف من يطلع علي تاريخ اليمن في العصور المتأخرة أنها خضعت للحكم العثماني علي فترتين : الأولي وتمتد من العام 1538م وحتي 1635م ، أما الأخري فوقعت بين الأعوام 1872م، وحتي انسحاب العثمانيين من اليمن بعد نهاية الحرب العالمية الأولي عام 1918م.
    حياة
    حياة
    عضو متألق
    عضو متألق


    عدد المساهمات : 59
    نقاط : 166
    السٌّمعَة : 1
    تاريخ التسجيل : 05/04/2009
    العمر : 54

    الزهاوي شاعر المرأة وترحاله---الجزء الاول---يتبع Empty الزهاوي شاعر المرأة وترحاله----الجزء الثاني

    مُساهمة من طرف حياة الخميس أبريل 16, 2009 11:55 am

    وفي كلا الفترتين لم تكن اليمن سلسلة الانقياد للعثمانيين ـ كما كانت عليه الحال في كثير من الأقاليم العربية الأخري ـ بل كانت مصدر متاعب دائمة وثورات قبلية، لا تهدأ أحداهن حتي تكون قد تركت جمرتها متأججة في مناطق قبلية أخري، وهو ما فرض علي الحكم العثماني لليمن حالة من عدم الاستقرار، وكلفه أثماناً باهظة. ولاسيما في المرحلة الثانية التي شهدت تولي السلطان( عبد الحميد ) الخلافة في العام 1876م، أي بعد الاستيلاء علي اليمن بأربعة أعوام.(Cool
    كانت قد برزت في العهد الأول من حكم هذا السلطان دعوات للنهوض بالدولة العثمانية وإصلاح شؤونها المختلفة، لتستطيع مجاراة الدول الغربية فيما تحقق لها من تطور علمي واجتماعي وسياسي كبير.
    وقد ظهر بعض المثقفين المتنورين من الترك والعرب وسواهم من أبناء القوميات المنضوية تحت الهيمنة العثمانية الذين نادوا بفكر الإصلاح والنهوض العلمي، والتغيير السياسي في أساليب الحكم ، من خلال إشاعة الروح الديمقراطية وإقامة المجالس النيابية ، للحدّ من الهيمنة المطلقة لسلطة الدولة والحكم المركزي الذي يقف السلطان العثماني في قمة هرمه، ويستبد بسلطات لا راد لأحكامها.
    ويبدو أن السلطان عبد الحميد قد رضخ ـ في بادئ حكمه ـ لتلك المطالب فصدر ما سمي بـ ( القانون الأساس ) الذي ينظم شؤون الدولة والأقاليم المنضوية تحت سلطانها، حيث كفلت فيه الحرية الشخصية، وأرسي مبدأ الانتخاب لمن يمثلون الأقاليم في مجالس الدولة ، وضمنت حرية العمل والتعليم وإبداء الرأي من خلال وسائل النشر المختلفة.
    ولكن هذا القانون لم يتح له أن يظهر فاعلاً في الواقع، فقد عطله السلطان عبد الحميد بعد صدوره بمدة ، إذ ضاق ذرعاً بما كان يطرحه كثير من النواب المعارضين من أفكار وانتقادات شديدة، لم تنل من الحكومة وحدها بل شملت السلطان نفسه.(9)
    وهكذا عادت الدولة العثمانية إلي الحكم المطلق للسلطان، ومن بعده للقومية التركية التي لم يكن ليسمح لغير أبنائها بتولي المناصب السياسية والعسكرية العليا في الدولة، وكذلك في أقاليمها المختلفة التي حرم أبناؤها غير الناطقين بالتركية من العمل في إدارتها ، إذ اللغة التركية وحدها هي لغة الدولة في المركز والأقاليم ـ ومنها الأقاليم العربية طبعاً ـ كما نص علي ذلك الدستور العثماني(10) . ومع اللغة التركية أيضاً فقد عدّ لبس الطربوش التركي الأحمر سمة فارقة لكل العاملين في وظائف الدولة، وشرطاً إجبارياً لمن يسعي إلي تلك الوظائف. (11)
    ولعل هذه النزعة التي لا تخلو من شوفينية واضحة كانت من بين أسباب عدة أيقظت الروح القومية عند العرب وسواهم من القوميات، فقد وجدوا أنفسهم مهمشين حتي في بلدانهم، ولا تتذكرهم الدولة إلا حين تدعوها الحاجة ـ ولاسيما العسكرية ـ لحشدهم وتسخيرهم في الشأن الذي تريد. كما كان لولاة الأقاليم العربية من الأتراك وسياستهم الاستبدادية القاسية ـ وما ارتكبوه من فضائع وفضائح طالت كثيراً من المدن وأهلها ـ أثرها في إيقاظ رابطة التواصل بين مختلف الولايات العربية وتأجيج الشعور بضرورة دعمها والوقوف معها، وهي تواجه العنت التركي، كما كانت الحال عليه في اليمن آنذاك.


    النفي الي اليمن
    يشير أحد المؤرخين إلي أن الحكومة العثمانية لم تكن ترسل إلي اليمن : "إلا كل مغضوب عليه من الموظفين ،غير ناظرين إلي المقدرة العلمية والأهلية الشخصية. فكان هؤلاء يسيئون استعمال وظائفهم، ويرتكبون الموبقات والمحرمات، ويتبادلون الهدايا والرشوات"(12) .
    لقد عدّ أولئك الموظفون الذهاب إلي اليمن بمثابة نفي لهم، وهو ما أشعرهم بالكراهية والحقد علي كل ما حولهم : "فكان هذا الفهم وذلك الشعور ينعكسان في تصرفاتهم، فتحولت كراهيتهم هذه لمهمتهم إلي نقمة علي الشعب اليمني"(13) .
    ويضيف باحث آخر: "وقد فرض العثمانيون علي الشعب اليمني أنواعاً من الضرائب والرسوم، ليتمكنوا بوساطتها من تغطية نفقات القوات العثمانية في ولاية اليمن ومرتبات الموظفين... وإرسال ما تبقي بعد ذلك إلي خزانة الدولة العثمانية المجهدة. ولا شك في أن هذه الضرائب وتلك الرسوم ضايقت اليمنيين كثيراً، نظراً لأنهم لم يعتادوها من قبل. كما أنهم كانوا يدفعون أنواعاً أخري منها في نفس الوقت، تمثلت في الزكاة والعشور وغيرها... وقد نتج من ذلك أن ناء اليمنيون بحملهم وأرهقتهم الضرائب بأنواعها المختلفة، مما جعلهم يتهربون من محصليها العثمانيين.
    وقد استخدم العثمانيون أساليب الضغط والإرهاب في تحصيل هذه الضرائب من أنحاء اليمن. وأساء بعض الولاة استعمال سلطانهم في هذا السبيل... حتي أنهم لم يتورعوا في سجن الشيوخ والعلماء، والاستيلاء علي أملاكهم ومصادرتها "(14) .
    لقد أجج ذلك وغيره روح الغضب والرفض في نفوس اليمنيين، وأشعل ثورات القبائل وتمردها المتواصل، ومنذ الأشهر الأولي لدخول العثمانيين الثاني والأخير إلي اليمن. فقد ثارت قبيلة (الحدا) في العام 1872م، مما دفع الجيش العثماني إلي مهاجمتها وقتل كثير من أبنائها، بما فيهم شيخها.
    كما ثارت قبيلة ( خولان ) في العام 1873، وكذلك فعلت قبيلتا (أرحب) و(حاشد). "وقد استطاع الأتراك إخضاع القبيلتين بعد حروب عنيفة بلغ من قسوة الأتراك فيها أن أحضروا رؤوس القتلي إلي صنعاء يحملها الأسري من رجال القبيلتين "(15) .
    ولقد بقيت ثورات القبائل اليمنية مشتعل أوراها طيلة سنوات ذلك الحكم. وكان أشدها ما وقع في العام 1892، حين قامت القبائل اليمنية التي سئمت الحكم التركي بتجميع قواها، ومهاجمة العثمانيين في مختلف أنحاء اليمن، لتهزمهم وتكسر شوكة عنجهيتهم العسكرية حتي لم يبق لهم إلا أن يحتموا داخل مدينة صنعاء التي حاصرتها القبائل من جميع الجهات، الأمر الذي استدعي من العثمانيين جلب أكثر من أربعة آلاف جندي من خارج اليمن، مزودين بالمدافع الثقيلة لفك ذلك الحصار، ومن ثم ملاحقة القبائل اليمنية والتنكيل بها، وهو ما كلف العثمانيين أثماناً فادحة من الخسائر البشرية والمادية، بما لم تستقم الأوضاع بعده للعثمانيين في اليمن، وزاد من الخراب وانتشار الفساد الإداري، وعزلة الجيش التركي، وبالمقابل المعاملة القاسية والإرهاب المتواصل للسكان، ومطاردة المشايخ والعلماء ومصادرة أملاكهم التي كان الولاة العثمانيون يسارعون إليها كنوع من العقاب لمن يتمرد علي سلطتهم.
    إزاء ذلك كله لم يجد السلطان عبد الحميد أمامه سوي إرسال البعثات المتلاحقة إلي اليمن للإطلاع عن كثب علي هذا الذي يجري فيها، واقتراح الحلول والإجراءات لتهدئة أوضاعها، وتطيب خواطر أبنائها، وكان من بين البعثات واللجان الكثيرة التي بعثها السلطان إلي اليمن تلك التي جاء الشاعر العراقي ( جميل صدقي الزهاوي ) فيها.


    المجيء الي صنعاء
    لم نجد في الوثائق والمؤلفات التاريخية المتداولة في معظم المكتبات اليمنية، والتي تناولت هذه المرحلة من تاريخ اليمن، ما يشير إلي مجيء الزهاوي إلي صنعاء، وإقامته فيها مدة عام كامل. وهو الأمر الذي أبقي كثيراً من الأسئلةـ عن طبيعة ما قام به الزهاوي من أعمال، وما تم له أن يقيمه من صلات مع علماء اليمن وأدبائها، وما نظمه من شعر ـ من دون إجابات يقينية. وربما كنا سنجد بغيتنا هذه لو تمّ لنا أن نقف علي كتابات الزهاوي ورسائله، وما كتب الدارسون عن سيرته وشعره من المؤلفات التي توافرت عليها كثير من المكتبات العراقية والعربية الأخري، وهو أمر غير متاح لنا في هذا الوقت.
    حياة
    حياة
    عضو متألق
    عضو متألق


    عدد المساهمات : 59
    نقاط : 166
    السٌّمعَة : 1
    تاريخ التسجيل : 05/04/2009
    العمر : 54

    الزهاوي شاعر المرأة وترحاله---الجزء الاول---يتبع Empty الزهاوي شاعر المرأة وترحاله--الجزء الثالث

    مُساهمة من طرف حياة الخميس أبريل 16, 2009 12:14 pm

    وعلي هذا فلم يكن أمامنا إلا أن نلجأ إلي ديوان الشاعر، كونه الوثيقة الوحيدة التي تيسرت بين أيدينا، لنقف عندها متأملين تلك الإشارات الشعرية المتناثرة بين أبيات قصائده التي تحيل إلي استعادة ما تركته زيارته إلي اليمن من تأثير في مسار حياته اللاحق وفي مواقفه من الحكم العثماني التي راح يصدح بها، وعلي نحو فيه كثير من الجرأة والتحدي.
    لقد عاد الزهاوي بعد تلك السنة التي قضاها في اليمن إلي اسطنبول وقد امتلأت نفسه بكثير من الأسي والغضب، لما عاينه من سوء الإدارة، وفساد الولاة والموظفين الأتراك، وقسوتهم الشديدة علي أبناء تلك البلاد. وهو الأمر الذي أدي بالزهاوي إلي أن ينضم إلي بعض التجمعات المعارضة لحكم السلطان عبد الحميد الاستبدادي وأن يجعل من شعره وسيلة لفضح مساوئ هذا الحكم، وهو ما توالت قصائده فيه التي كان ينشر بعضها باسم مستعار.
    ولم يكتف الزهاوي بفضح سياسات الحكومة العثمانية وموظفيها الذين عايشهم عن قرب في تلك المدة، بل اتسع ذلك عنده ليشمل السلطان نفسه الذي راح يوجه إليه الخطاب مباشرة، وبنبرة حادة، تجلت في أكثر من قصيدة عنده، لعل أشهرها قصيدته التي وضع لها عنواناً دالاً هو: ( حتام تغفل )(16) لتكون أول قصيدة تحمل عنواناً خاصاً في العصر الحديث، بعد أن كانت عناوين القصائد هي أغراضها من مديح ورثاء وغزل ووصف وسواها.(17) .
    يخاطب الزهاوي السلطان عبد الحميد لا ليقدم له المديح أو فروض الطاعة كما فعل سواه من الشعراء، أو كما صنع هو في مناسبات سابقة، بل ليدعوه إلي الاستيقاظ، وإدراك ما آلت إليه الأمور في ظل حكمه.
    إن عبد الحميد ـ كما رآه الزهاوي ـ يعيش في حالة من الغفلة المطبقة فلا يدرك ما يحصل حوله، ومن واجب الزهاوي أن يصدح بذلك أمامه، من خلال سؤال استنكاري : حتام تغفل؟ ، الذي أعاد تكراره في البيت الأول من القصيدة:
    ألا فانتبه للأمر حتام تغفل
    أما علمتك الحال ما أنت تجهل
    وحين يشعر الزهاوي أنه قد انتهي من رجّ الذات الغافلة للسلطان ، وأنه قد أيقظها لتسمع ما ألت إليه أحوال الدولة ، فإنه ينتقل ليخبره عن أفعال ولاته والقائمين بأمور دولته .
    وإذا أراد السلطان شواهد علي مفاسد أولئك العاملين فإن أبرز ما تستعيده ذاكرة الزهاوي هو ذلك الذي عاد يحمله معه من اليمن:
    فسل عنهم القطر اليماني إنه
    يبوح بما يعرو البلاد وينزل
    بلاد بها الأموال من يد أهلها
    تنزّع غصباً والنفوس تقّتل
    ولكن الزهاوي لا يبرأ السلطان نفسه من هذا الذي يحصل في دولته، فهو يعد ذلك تنفيذاً لسياسة السلطان ورغباته:
    أيأمر ظل الله في أرضه بما
    نهي الله عنه والكتاب المنزل
    فيفقر ذا مال وينفي مبرءاً
    ويسجن مظلوماً ويسبي ويقتل
    ولذلك فهو يحذره، مبدياً نزعة عروبية غاضبة، تذكر السلطان بأن ما ينال العرب في بلدانهم من أذي وسوء معاملة، سيرتد علي حكمه وبالاً. وكأن الزهاوي يعلن هنا واحدة من تأملاته التي تستشرف ما سيحصل لاحقاً من استيقاظ الروح القومية عند العرب ومواجهتهم التسلط التركي بالثورة في أكثر من بلد عربي، ثم بروز الحركة العربية التي تطالب بالاستقلال.
    لقد جهر الزهاوي بذلك حين خاطب السلطان بقوله:
    تمهل قليلاً لا تغظ أمة إذا
    تأجج فيها الغيظ لا تتمهل
    وأيديك إن طالت فلا تغتر بها
    فإن يد الأيام منهن أطول


    وبالمقابل فقد دعا في قصيدة أخري العرب لمواجهة هذه السلطة الغاشمة مذكراً إياهم بأنسابهم التي يفاخرون بها.(19)
    أقول لقومي أين أحفاد يعرب
    وأين بنو فهر وأبناء عدنان
    وأين الأولي يوم النزال عهدتهم
    علي صهوات الخيل أشباه عقبان
    خذوا ثأر من قد طاح من شهدائكم
    فإن صعيد الأرض من دمهم قانِ
    (5)
    مثلت رحلة الزهاوي إلي اليمن واطلاعه علي ما يعانيه أهلها من أوضاع مأساوية ـ نتيجة لتسلط الحاكمين الأتراك وجبروتهم ـ مرحلة مهمة في حياة هذا الشاعر، فقد أيقظت العمق الإنساني في ذاته وشاعريته وشرعت حواسه وتأملاته الفكرية لإدراك هذا الذي يواجهه أهل العرب في أوطانهم من ظلم وجور.
    ولعلنا لا نكون مبالغين حين نعد تلك الرحلة ـ علي قصر مدتها ـ سبباً فيما تحقق للزهاوي لاحقاً من نضج في الوعي والانشغال التعبيري الشعري الذي اتسع لمسارات جديدة من المواقف والتجارب.
    لقد أخرجته من حالة الانتماء الوظيفي المستلب في إطار الدولة العثمانية ليعلن رفضه وتمرده، وينضوي في مرحلة من العمل السياسي والنشاط الأدبي المغاير لما كانت عليه تجربته وهي تعايش نوازعها الذاتية ومزاجها الشعري الضيق. وهو ما وضعه في مواجهة السلطة العثمانية وجبروتها، فقد فصل من منصبه النيابي، وأبعد من اسطنبول إلي بغداد، ليبقي هناك من دون وظيفة يعيش منها. ولكن ذلك لم يمنعه من مواصلة ما قد وطّن عليه نفسه وشاعريته من وجهة يقين لا يفارقها.(20)
    هي الحقيقة أرضاها وإن غضبوا
    وأدعيها وإن صاحوا وإن جلبوا

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس سبتمبر 19, 2024 3:41 pm