فتح الأندلس....
بدأ بحلم جميل وانتهى بكابوس مفجع
ما الذي يشدنا في السجل التاريخي الحافل الذي خطه المسلمون في الأندلس؟ هل هو المجد الديني والسياسي الذي تحقق بدخول الإسلام إلى أوروبا؟ هل هو الصرح العلمي والأدبي الشامخ الذي شيده المسلمون في ظل دولة بلغت أعنان السماء رقيا ورفعة في وقت كانت أوربا ما تزال نائمة تحت أقدام الزمن تلعق أيامها فقرا وجهلا وتخلفا وانشقاقا؟ هل هو تلك الأطلال التي ما زال بعضها قائما حتى الآن دليلا على ذلك التقدم المعماري الذي اختلط فيه الفن بالثراء بحب الحياة باللمسة الدينية ليعطينا في النهاية لوحة جدارية عن حياة فريدة غزلها المسلمون في بلاد الأندلس بأيد لا تعرف الزيف ولا الكسل؟ كل شيء جائز.. لكن الذي يأكل قلوبنا حقا هو "الفرصة الذهبية" التي ضاعت للأبد من أيدي المسلمين في أوروبا؟ .
البعض يقول لو أن الوجود الإسلامي طال عمره إلى الآن في إسبانيا، لكان للأمور شأن آخر.. ولكان للمسلمين وضع يختلف جملة وتفصيلا عما نراه الآن في الغرب الأوربي؟.. وعلى كل هذا الجمال والقوة التي غلفت حلم الأندلس.. جاء انهيار الحلم مفجعا مؤلما نبكيه إلى الآن يأسا وندما.. .
يبدأ الحلم الجميل من المغرب، وتحديدا بعد أن نجح القائد المسلم عقبة بن نافع الفهري في أن يكتسح القطاع الشمالي من إفريقية، ويصل بفرسانه إلى المغرب الأقصى، وكان ذلك سنة 62 هـ ( 682 م)، ولما وصل إلى "طنجة"، لم يجد حاكمها "يليان" مفرا من مهادنة الوافد المنتصر ومسالمته، وسالمه بالفعل عقبة، وعمل "يليان" في خدمة المسلمين".
يواصل القائد بعد ذلك مسيرته إلى أن يصل بجيشه إلى مدينة "ماسة"، وهي المدينة الواقعة على المحيط الأطلنطي، ويقول الرواة إن "عقبة بن نافع" دخل بفرسه إلى عرض البحر حتى طال الماء تلابيبه، وبعدها ردد مناجيا ربه وقال "لولا أن البحر منعني، لمضيت في البلاد إلى مسلك ذي القرنين مدافعا عن دينك، مقاتلاً من كفر بك".
ويبدأ فصل جديد من تحقيق الحلم، حيث القائد موسى بن نصير الذي تولى إمارة الحكم في ولاية إفريقية بأمر عبد العزيز بن مروان، تولى موسى الإمارة وكان الجزء الأعظم من المغرب قد دان للمسلمين دينيا وسياسيا،رغم مواصلة قبائل البربر لحركات التمرد والعصيان، الأمر الذي دفع بموسى بن نصير إلى شن حملات متتالية لم يتردد فيها عن استخدام أقصى وسائل القوة والرهبة لكسر شوكة المتمردين واستئصال شفأتهم.
كان من شأن تلك الحملات أن بدأ البربر يرهبون جانب الدولة الإسلامية، وهنا، يقول لنا الرواة، شرعت القبائل البربرية في الدخول إلى الإسلام والإقبال على تعلم اللغة العربية والقرآن الكريم، ولا يشك المؤرخون، مسلمين وغربيين، في أن فتح المغرب والقضاء على نزعة التمرد لدي القبائل البربرية كان يعد الخطوة الأولى، والأساسية، لوصول المسلمين إلى إسبانيا.
فمع استتاب الأمر لموسى بن نصير في بلاد المغرب، كانت النية قد اتجهت إلى عبور البحر والدخول إلى القطاع الجنوبي من إسبانيا، لذلك أخذ موسى في الإعداد للغزو، وكان قد اختار مولاه طارق بن زياد، لما اشتهر عن هذا القائد من شجاعة وبلاء حسن في ساحات الوغى، لقيادة الحملة على الأندلس.
ولنقف وقفة سريعة عند شخصية "طارق بن زياد"، إذ لم يقطع المؤرخون بأصل طارق بن زياد، فبعضهم قال إنه ينتمي إلى البربر، بل إلى قبيلة "نفزة"، في حين أكد البعض أنه عربي من "صدف"، وشطح آخرون وقالوا إنه فارسي من همذان، ما يهمنا هنا أن هذا القائد كان مسلما يقود تحت إمرته جيشا ألف البربر معظم قوامه ( يقول الرواة أن الجيش الذي غزا الأندلس كان بأكمله من البربر، الأمر الذي يرجح عند البعض أن طارق كان بربريا وإلا ما كان باستطاعته قيادتهم وهم المعروف عنهم ميلهم الأصيل للتمرد والعصيان).
وفي الخامس من رجب سنة 92 هـ إبريل عام 711l م، كانت هناك أربع سفن تمخر عباب البحر متجهة إلى الأندلس، وبجيش قوامه سبعة آلاف مقاتل، منهم ثلاثمائة فقط من العرب، وكان "يليان" هو المسؤول المباشر عن توفير هذه السفن للمسلمين بعد أن صار يعمل في خدمتهم طبقا لمعاهدة الصلح التي تمت بينه وبين عقبة بن نافع.
يقول ابن عذاري إن يليان كان يحمل "أصحاب طارق في مراكب التجارة التي تذهب إلى الأندلس، ولا يشعر اهل الأندلس بذلك ويظنون أن المراكب تذهب للتجارة، فحمل الناس أفواجا أفواجا إلى الأندلس".
ومع وصول القوات الإسلامية إلى أراضي الأندلس، تبدأ الاشتباكات المتتالية بين المسلمين والأسبان، والتي تنتهي بأكبر جولة كانت بين الفاتحين وبين قوات القوط بقيادة "لذريق"، حدث هذا اللقاء في يوم الأحد 29 رمضان سنة 92 هـ19 يوليو سنة 711 م، استمرت هذه المعركة حوالي ثمانية أيام، انتهت بالهزيمة الساحقة لقوات "لذريق" الذي تراجعت صفوفه القهقهرى والمسلمون لا يرفعون السيوف عن رقاب القوطيين لمدة ثلاثة أيام. ويواصل طارق بن زياد مسيرته نحو مدن الأندلس، فيتجه إلى "طليطلة" عاصمة القوطيين، ويوجه مغيثا الرومي إلى "قرطبة"، لكن قصة الفتح لا تنتهي عند هذا الحد. إذ ظلت الحرب دائرة إلى أن استكمل موسى بن نصير جهود طارق، ومن بعدهما عبد العزيز بن موسى الذي استكمل الفتح العربي للأندلس حين بسط نفوذ المسلمين على الجانب الغربي من الأندلس (البرتغال حاليا).
لا تعتقد أن الفتح كان سهلا، أو أنه تم بين عشية وضحاها، فالمؤرخون ذكروا لنا تفاصيل دقيقة عن كافة الجولات التي دارت بين المسلمين والأسبان، وجميعها تؤكد حتمية انتصار المسلمين وهزيمة الأسبان.
فهزيمة "لذريق" كان مردها هذا العداء الواضح بينه وبين شعبه الذي استقبل الغازي دون أدنى مقاومة تذكر.
كما أن الاضطهاد البشع الذي ذاقه الشعب الإسباني جعله يرى في الفتح الإسلامي فرجا وخروجا من مستنقع الفقر والاستبداد والتعصب الديني الأعمي الذي مارسه "لذريق" ضد الأسبان.
هذا هو الفصل الاول من الحلم، فصل شديد القوة، تظلله أسماء حفت بالاحترام والإجلال لشجاعتها وقوة شكيمتها (مع الأعداء) ونخوتها واعتزازها القوي بعروبتها وإسلامها.
الفصل الأخير من الحلم كان على النقيض تماما..منتهى الضعف، والتخاذل، والتشرذم إلى دويلات لم تكن بقادرة، وهي منعزلة عن بعضها البعض، أن تتوقف أمام حركة الاسترداد المسيحي لأراضي شبه الجزيرة الإيبرية (يرى المؤرخون الأسبان أن هذه الحركة تبدأ من معركة "كوفا دونجا" أو مغارة دونجا وفيها انهزم ابن علقمي اللخمي شر هزيمة من قوات "بلايه"، وانتهت بتأسيس أولى الإمارات المسيحية في شمال الأندلس). وبنفس العوامل التي كانت الساعد الأيمن للمسلمين في فتح الأندلس، سقط المسلمون.. وكأنه لا عبرة ولا اتعاظ..
الإثنين مايو 18, 2009 7:46 am من طرف عطا المصراوية
» قصر صدام حسين بلاتوه سنيمائى!!!
الإثنين مايو 18, 2009 7:23 am من طرف عطا المصراوية
» السعادة الحقبقية
الأحد مايو 17, 2009 9:20 pm من طرف عطا المصراوية
» مواقف ومعانى!!
الأحد مايو 17, 2009 8:05 pm من طرف عطا المصراوية
» الحب أعمى» والتمثيل لم يرضني
الأحد مايو 17, 2009 1:08 pm من طرف فيصل ابو ريشه
» غادة عبد الرازق
الأحد مايو 17, 2009 1:03 pm من طرف فيصل ابو ريشه
» تعدد الزوجات فى ظل التشريع الاسلامى
السبت مايو 16, 2009 6:38 pm من طرف عطا المصراوية
» فوائد القرنبيط الصحيه
السبت مايو 16, 2009 2:18 pm من طرف فيصل ابو ريشه
» فوائد البطيخ
السبت مايو 16, 2009 2:12 pm من طرف فيصل ابو ريشه