الثورة الشاملة
كان تولى الإمبراطور ‘فيليب
الثاني’ عرش إسبانيا بداية حملة اضطهاد غير مسبوقة للموريسكيين الذين
كانوا موضع شك دائم من قبل الكنيسة ورهبانها الذين كانوا يشعرون في قرارة
أنفسهم أن الموريسكيين ما زالوا على الإسلام في سويداء قلوبهم، وكان
‘فيليب الثاني’ ملكاً شديد التعصب، كثير التأثر بنفوذ الأحبار، فأصدر حزمة
من القرارات جاءت بمثابة الضربة القاتلة لبقايا الأمة الأندلسية وذلك
بتجريدها من مقوماتها القومية الأخيرة بتحريم استخدام اللغة العربية
والملابس العربية، وعندها قامت الثورة الشاملة وكان مركز الثورة في منطقة
جبل ‘الشارات’ واندلع لهيب الثورة منها في أنحاء الأندلس ودوت صيحة الحرب
القديمة وأعلن الموريسكيون استقلالهم، واستعدوا لخوض معركة الحياة أو
الموت، واختار الثوار أميراً لهم اسمه ‘محمد بن أمية’ يرجع أصله إلى بنى
أمية الخلفاء كإشارة على استعادة الخلافة ودولة الإسلام في الأندلس مرة
أخرى. حقق الموريسكيون عدة انتصارات متتالية، اهتزت لها عروش النصرانية في
أسبانيا وأوروبا، فأعدت أسبانيا حملة عسكرية ضخمة يقودها أمهر قادتهم هو
‘الدون خوان’، وجاء المجاهدون المسلمون من المغرب العربي وانضمت فرقة
عسكرية عثمانية للثوار جاءتهم من تونس، وكان الأسبان يقتلون من يقع في
أسرهم ويمثلون بجثثهم أبشع تمثيل حتى الأطفال والنساء لم يسلموا من
أفعالهم، وزاد ذلك الثوار يقينا بحتمية الاستمرار في الثورة والقتال حتى
الموت، وقويت العزائم وتقاطر المجاهدون المغاربة على الأندلس، وهنا امتدت
أيدي الغدر والخيانة في الظلام لتغتال حلم الأندلسيين بمكيدة شريرة ويقتل
الأمير ‘محمد بن أمية’ قبل أن يحقق هدفه المنشود.
القائد الجدي
بعد
اغتيال ‘محمد بن أمية’ لم تكن هذه الثورة لتقف أو تنتهي بموت زعيمها،
فاختار الثوار أميراً جديداً هو ابن عم القتيل واسمه ‘مولاي عبد الله
محمد’، وكان أكثر فطنة وروية وتدبرا فحمل الجميع على احترامه ونظم جيش
الثوار وجعله على الطراز الدولي ويفوق في تنظيمه الجيش الصليبي الأسباني
واستطاع ‘مولاي عبد الله’ أن يستولي على عدة مدن هامة مثل مدينة ‘أرجبة’
التي كانت مفتاح غرناطة والتي كان سقوطها شرارة اندلاع ثورة الموريسكيين
وذيوع شهرة ‘مولاي عبد الله محمد’.حشدت إسبانيا أعداداً ضخمة من مقاتليها
يقودهم ‘الدون خوان’، فحاصر هذا الجيش الجرار الثوار في بلدة ‘جليرا’ وكان
مع الثوار فرقة من الجنود العثمانيين، ودارت رحى معركة في منتهى الشراسة
أبدى فيها المسلمون بسالة رائعة، ولكن المدينة سقطت في النهاية ودخلها
الأسبان دخول الضواري المفترسة وارتكبوا مذبحة مروعة شنيعة لم يتركوا فيها
صغيرا ولا كبيرا ولا طفلا ولا امرأة، وحاول ‘الدون خوان’ مطاردة فلول
الثوار ولكنه وقع في كمين للثوار في شعب الجبال عند مدينة ‘بسطة’ وأوقع
الثوار هزيمة فادحة بالصليبيين الأسبان ، جعلت الحكومة الأسبانية تفكر في
مصالحة الثوار المسلمين.
السلام الفاشل
عرضت الحكومة
الصليبية الإسبانية على المسلمين الثائرين معاهدة سلام لإنهاء القتال،
فبعث ‘الدون جوان’ إلى أحد الثائرين واسمه ‘الحبقى’ وقد لمحت فيه إسبانيا
الصليبية بعض المؤهلات التي ترشحه للتفاوض وقبول شروطها المجحفة في
السلام، وكانت شروط المعاهدة تتضمن وقف انتفاضة المسلمين فورا وفى سبيل
ذلك يصدر وعد ملكي بالعفو عن جميع الموريسكيين الذين يقدمون خضوعهم في ظرف
عشرين يوما من إعلانه ولهم أن يقدموا تظلمهم وشكاواهم مع الوعد بالبحث
فيها ودراستها..!وكل من رفض العفو والخضوع للسلطة الصليبية سيقتل ما عدا
النساء والأطفال دون الرابعة عشرة والسبب بالقطع معروف النساء سبايا
والأطفال ينصرون.كانت شروط السلام الصليبي المعروض على الموريسكيين كفيلة
بأن يرفض الأمير مولاي عبد الله محمد هذه المعاهدة الجائرة التي لا تعطى
المسلمين شيئا وليس لها سوى هدف واحد وهو إيقاف ثورة المسلمين فقط لا غير،
وأيقن المسلمون أن الأسبان الصليبيين لا عهد لهم ولا ذمة، فانقلب النصارى
يفتكون بكل المسلمين في أنحاء أسبانيا سواءًا من اشترك في الثورة أم لم
يشترك، واشتبك الدون خوان مع قوات مولاي عبد الله في عدة معارك ولكنها غير
حاسمة، وفى نفس الوقت أبقى الأسبان على خط التفاوض مع الزعيم ‘الحبقى’
الذي رأى فيه النصارى السبيل لشق صف الثوار المسلمين.سار مجرى القتال في
غير صالح المسلمين لانعدام التكافؤ بين الطرفين خلا الإيمان بالله عز وجل،
ورأى مولاي عبد الله أن أتباعه يسقطون من حوله تباعا وتجهم الموقف والقوة
الغاشمة تجتاح كل شيء، فبدأ يفكر في الصلح والسلام ولكن بغير الشروط
السابقة، وتدخل بعض زعماء الأسبان ممن له عقل وتدبير لإجراء الصلح، ولكن
‘الحبقى’ استبق الجميع وشق صف الثورة وخرج عن طاعة مولاي عبد الله ومن
معه، وذهب بسرية من فرسانه إلى معسكر الصليبيين وقدم الخضوع والذلة إلى
قائدهم ‘الدون خوان’.كانت هذه الخطوة الذليلة من ‘الحبقى’ محل سخط كل
المسلمين وخاصة زعيمهم مولاي عبد الله، فلقد لمح أن ‘الحبقى’ يروج بمنتهى
القوة لهذا السلام الذي هو خضوع وذلة بالكلية للصليبيين، وأن الصف المسلم
يتصدع بمحاولات ‘الحبقى’ وأراجيفه، خاصة بعدما لمح المسلمون نية الصليبيين
في نفيهم بالكلية عن الأندلس، وهذا يجعل الهدف والداعي الذي قامت من أجله
الثورة في الأصل هباءاً منثوراً وكيف سيعيدون دولة الإسلام في الأندلس مرة
أخرى إذا طردوا من أوطانهم، لهذه الأسباب كلها قرر مجلس قيادة الثورة
إعدام ‘الحبقى’ الذي ظهر منه ما يدل على عمالته وولائه للصليبيين.
استئناف القتال
أعلن
مولاي عبد الله أن الثورة لن تتوقف وأن الموريسكيين سيجاهدون حتى الموت
وأن حلمهم بإعادة دولة الإسلام في الأندلس لم يمت في قلوبهم، وأنه يؤثر أن
يموت مسلماً مخلصاً لدينه ووطنه مما بذلوا له من وعود معسولة وأماني كاذبة
وكان لهذا الموقف الشجاع من مولاي عبد الله فعل السحر في نفوس المسلمين في
جميع أنحاء أسبانيا، فاندلعت الثورة كالنار في الهشيم، وقابل الأسبان ذلك
بمنتهى القسوة والشدة بل والحقد الجنوني، حيث مضوا في القتل والتخريب لكل
ما هو مسلم، وهدموا القرى والضياع والحقول حتى لا يبقى للثوار مثوى أو
مصدر للقوت.
كانت لهذه القسوة المفزعة أثر كبير على نفوس
الموريسكيين حيث فر كثير منهم من البلاد كلها إلى إخوانهم المسلمين في
إفريقية، وفى 28 أكتوبر سنة1570 أصدر فيليب الثاني قراراً بنفي
الموريسكيين من مملكة غرناطة إلى داخل البلاد الأخرى بأسبانيا، ويوزعون
على سائر الولايات الإسبانية بل مصادرة أملاكهم وأموالهم ، ووقع تنفيذ
القرار في مشهد يندى له جبين البشرية من الخزي حيث السفك والنهب
والاغتصاب، وسيق مسلمو غرناطة كالقطعان لمسافات طويلة حيث الجوع والعطش
والمرض ثم وضعوا بعد ذلك فيما يشبه المعسكرات الجماعية حيث بقوا رهن
المتابعة والرقابة الدائمة، وعين لهم مشرفاً خاصاً يتولى شئونهم ووضعت لهم
جملة من القيود من يخالف أدناها يقتل شر قتلة.
الخيانة ونهاية البطل
بعد
هذه الوحشية منقطعة النظير وبعد سلسلة من المذابح والمجازر البشرية
المروعة في حق مسلمي الأندلس وبعد فرار الكثير من الموريسكيين إلى إفريقية
وبعد نفي بقيتهم داخل أسبانيا لم يبق أمام الأسبان سوى آخر فرسان الأندلس
مولاي عبد الله وجيشه الصغير الذي ظل مقاوماً للصليبيين معتصماً بأعماق
الجبال، رافضاً للصلح أو المهادنة أو الخضوع لسلطة الصليب مهما كانت
التضحيات، وهو في هذه الأثناء يقوم بحرب عصابات ضد الحاميات الأسبانية
المنتشرة بغرناطة وأوقعت هذه الحرب خسائر فادحة بالأسبان، ولكنها أيضا
أنهكت قوة جيش مولاي عبد الله الصغير.ولأن هذا العصر وتلك الأيام كانت
توصف بالخيانة والعمالة وحب الدنيا وكراهية الموت والخوف على النفس والمال
والعيال، فلقد استطاع أعداء الإسلام أن يستقطبوا ويجندوا أحد ضباط مولاي
عبد الله محمد ويغروه بالأموال والمنح والوعود والعفو الشامل إذا استطاع
أن يسلمهم مولاي عبد الله محمد حياً أو ميتاً، وكان الإغراء قوياً ومثيراً
والنفوس ضعيفة، فدبر هذا الضابط الخائن خطته لاغتيال آخر أبطال الأندلس،
وفى ذات يوم هجم الخائن مع بعض من أغواهم على البطل مولاي عبد الله الذي
قاومهم قدر استطاعته ولكنه وبعد معركة غير متكافئة سقط شهيداً، فقام
الخونة بفعلة شنيعة حيث ألقوا جثته من فوق الصخور لكي يراها الجميع ويعلم
أسيادهم الأسبان بنجاح مخطط الغدر والخيانة، وهكذا تدفع الأمة من جديد ثمن
خيانة بعض أبنائها وتفقد ولداً باراً وبطلاً عظيماً قام بنصرتها والدفاع
عن عرضها وحاول استعادة مجدها ولكنه وللأسف الشديد زمن الخيانة والعمالة!.
هكذا يفعلون في أبطالنا
إن
ميراث الحقد والعداوة الدفين في قلوب أعداء الإسلام ضد كل ما هو مسلم
ليدعو كل صادق وغيور لأن يكون على استعداد دائم للمعركة التي يخطط لها
أعداء الإسلام، والصدام الوشيك بين الحق والباطل، وما فعله الأسبان بجثة
البطل الشهيد مولاي عبد الله يدل على مدى الحقد العمى المشتعل في قلوب
أعداء الإسلام، حيث قام الأسبان بحمل الجثة إلى غرناطة وهناك استقبلوها في
حفل ضخم حضره الكبار والصغار الرجال والنساء، ورتبوا موكباً أركبت فيه
الجثة مسندة إلى بغل وعليها ثياب كاملة كأنه إنسان حي ومن ورائها أفواج
كثيرة من الموريسكيين الذين سلموا عقب اغتيال زعيمهم، ثم حملت الجثة إلى
النطع وأجرى فيها حكم الإعدام، فقطع رأسها ثم جرت في شوارع غرناطة مبالغة
في التمثيل والتنكيل ومزقت أربعاً وأحرقت بعد ذلك في الميدان الكبير ووضع
الرأس في قفص من الحديد، رفع فوق سارية في خاصة المدينة تجاه جبال البشرات
معقل الثورة ومنشأها، وهكذا يفعلون في أبطالنا.
كان العالم الإسلامي مفتوح الحدود, تجتازه قوافل التجارة وأفواج الرحالة والحجاج المسلمون القاصدون بيت الله الحرام.
في
مستهل القرن الثالث عشر للميلاد، السابع للهجرة، بدأ إنشاء الجامعات في
أوروبا. ففي عام 1211م أنشئت جامعة باريس. وفي عام 1215م أنشئت جامعة
أكسفورد. وفي عام 1221م أنشئت مونبلييه بفرنسا. وفي عام 1228م أنشئت جامعة
سلمنكا في أسبانيا.
ومن هذه الجامعات التي ورثت علم العرب المطبوع
بالثقافة الهيلينية انبثق عصر النهضة. وكما كان سقراط وأفلاطون وأرسطو
وأرخميدس وايبوقراط وجالينوس وبطليموس وغيرهم من عباقرة اليونان رواد
العرب في العلم والفلسفة كذلك فإن الكندي والرازي والبتاني وابن سينا
والفارابي وابن الهيثم والبيروني وابن النفيس والزهراوي وابن زهر وابن رشد
وابن الطفيل وابن باجة وابن البيطار وغيرهم كانوا رواد.
كان تولى الإمبراطور ‘فيليب
الثاني’ عرش إسبانيا بداية حملة اضطهاد غير مسبوقة للموريسكيين الذين
كانوا موضع شك دائم من قبل الكنيسة ورهبانها الذين كانوا يشعرون في قرارة
أنفسهم أن الموريسكيين ما زالوا على الإسلام في سويداء قلوبهم، وكان
‘فيليب الثاني’ ملكاً شديد التعصب، كثير التأثر بنفوذ الأحبار، فأصدر حزمة
من القرارات جاءت بمثابة الضربة القاتلة لبقايا الأمة الأندلسية وذلك
بتجريدها من مقوماتها القومية الأخيرة بتحريم استخدام اللغة العربية
والملابس العربية، وعندها قامت الثورة الشاملة وكان مركز الثورة في منطقة
جبل ‘الشارات’ واندلع لهيب الثورة منها في أنحاء الأندلس ودوت صيحة الحرب
القديمة وأعلن الموريسكيون استقلالهم، واستعدوا لخوض معركة الحياة أو
الموت، واختار الثوار أميراً لهم اسمه ‘محمد بن أمية’ يرجع أصله إلى بنى
أمية الخلفاء كإشارة على استعادة الخلافة ودولة الإسلام في الأندلس مرة
أخرى. حقق الموريسكيون عدة انتصارات متتالية، اهتزت لها عروش النصرانية في
أسبانيا وأوروبا، فأعدت أسبانيا حملة عسكرية ضخمة يقودها أمهر قادتهم هو
‘الدون خوان’، وجاء المجاهدون المسلمون من المغرب العربي وانضمت فرقة
عسكرية عثمانية للثوار جاءتهم من تونس، وكان الأسبان يقتلون من يقع في
أسرهم ويمثلون بجثثهم أبشع تمثيل حتى الأطفال والنساء لم يسلموا من
أفعالهم، وزاد ذلك الثوار يقينا بحتمية الاستمرار في الثورة والقتال حتى
الموت، وقويت العزائم وتقاطر المجاهدون المغاربة على الأندلس، وهنا امتدت
أيدي الغدر والخيانة في الظلام لتغتال حلم الأندلسيين بمكيدة شريرة ويقتل
الأمير ‘محمد بن أمية’ قبل أن يحقق هدفه المنشود.
القائد الجدي
بعد
اغتيال ‘محمد بن أمية’ لم تكن هذه الثورة لتقف أو تنتهي بموت زعيمها،
فاختار الثوار أميراً جديداً هو ابن عم القتيل واسمه ‘مولاي عبد الله
محمد’، وكان أكثر فطنة وروية وتدبرا فحمل الجميع على احترامه ونظم جيش
الثوار وجعله على الطراز الدولي ويفوق في تنظيمه الجيش الصليبي الأسباني
واستطاع ‘مولاي عبد الله’ أن يستولي على عدة مدن هامة مثل مدينة ‘أرجبة’
التي كانت مفتاح غرناطة والتي كان سقوطها شرارة اندلاع ثورة الموريسكيين
وذيوع شهرة ‘مولاي عبد الله محمد’.حشدت إسبانيا أعداداً ضخمة من مقاتليها
يقودهم ‘الدون خوان’، فحاصر هذا الجيش الجرار الثوار في بلدة ‘جليرا’ وكان
مع الثوار فرقة من الجنود العثمانيين، ودارت رحى معركة في منتهى الشراسة
أبدى فيها المسلمون بسالة رائعة، ولكن المدينة سقطت في النهاية ودخلها
الأسبان دخول الضواري المفترسة وارتكبوا مذبحة مروعة شنيعة لم يتركوا فيها
صغيرا ولا كبيرا ولا طفلا ولا امرأة، وحاول ‘الدون خوان’ مطاردة فلول
الثوار ولكنه وقع في كمين للثوار في شعب الجبال عند مدينة ‘بسطة’ وأوقع
الثوار هزيمة فادحة بالصليبيين الأسبان ، جعلت الحكومة الأسبانية تفكر في
مصالحة الثوار المسلمين.
السلام الفاشل
عرضت الحكومة
الصليبية الإسبانية على المسلمين الثائرين معاهدة سلام لإنهاء القتال،
فبعث ‘الدون جوان’ إلى أحد الثائرين واسمه ‘الحبقى’ وقد لمحت فيه إسبانيا
الصليبية بعض المؤهلات التي ترشحه للتفاوض وقبول شروطها المجحفة في
السلام، وكانت شروط المعاهدة تتضمن وقف انتفاضة المسلمين فورا وفى سبيل
ذلك يصدر وعد ملكي بالعفو عن جميع الموريسكيين الذين يقدمون خضوعهم في ظرف
عشرين يوما من إعلانه ولهم أن يقدموا تظلمهم وشكاواهم مع الوعد بالبحث
فيها ودراستها..!وكل من رفض العفو والخضوع للسلطة الصليبية سيقتل ما عدا
النساء والأطفال دون الرابعة عشرة والسبب بالقطع معروف النساء سبايا
والأطفال ينصرون.كانت شروط السلام الصليبي المعروض على الموريسكيين كفيلة
بأن يرفض الأمير مولاي عبد الله محمد هذه المعاهدة الجائرة التي لا تعطى
المسلمين شيئا وليس لها سوى هدف واحد وهو إيقاف ثورة المسلمين فقط لا غير،
وأيقن المسلمون أن الأسبان الصليبيين لا عهد لهم ولا ذمة، فانقلب النصارى
يفتكون بكل المسلمين في أنحاء أسبانيا سواءًا من اشترك في الثورة أم لم
يشترك، واشتبك الدون خوان مع قوات مولاي عبد الله في عدة معارك ولكنها غير
حاسمة، وفى نفس الوقت أبقى الأسبان على خط التفاوض مع الزعيم ‘الحبقى’
الذي رأى فيه النصارى السبيل لشق صف الثوار المسلمين.سار مجرى القتال في
غير صالح المسلمين لانعدام التكافؤ بين الطرفين خلا الإيمان بالله عز وجل،
ورأى مولاي عبد الله أن أتباعه يسقطون من حوله تباعا وتجهم الموقف والقوة
الغاشمة تجتاح كل شيء، فبدأ يفكر في الصلح والسلام ولكن بغير الشروط
السابقة، وتدخل بعض زعماء الأسبان ممن له عقل وتدبير لإجراء الصلح، ولكن
‘الحبقى’ استبق الجميع وشق صف الثورة وخرج عن طاعة مولاي عبد الله ومن
معه، وذهب بسرية من فرسانه إلى معسكر الصليبيين وقدم الخضوع والذلة إلى
قائدهم ‘الدون خوان’.كانت هذه الخطوة الذليلة من ‘الحبقى’ محل سخط كل
المسلمين وخاصة زعيمهم مولاي عبد الله، فلقد لمح أن ‘الحبقى’ يروج بمنتهى
القوة لهذا السلام الذي هو خضوع وذلة بالكلية للصليبيين، وأن الصف المسلم
يتصدع بمحاولات ‘الحبقى’ وأراجيفه، خاصة بعدما لمح المسلمون نية الصليبيين
في نفيهم بالكلية عن الأندلس، وهذا يجعل الهدف والداعي الذي قامت من أجله
الثورة في الأصل هباءاً منثوراً وكيف سيعيدون دولة الإسلام في الأندلس مرة
أخرى إذا طردوا من أوطانهم، لهذه الأسباب كلها قرر مجلس قيادة الثورة
إعدام ‘الحبقى’ الذي ظهر منه ما يدل على عمالته وولائه للصليبيين.
استئناف القتال
أعلن
مولاي عبد الله أن الثورة لن تتوقف وأن الموريسكيين سيجاهدون حتى الموت
وأن حلمهم بإعادة دولة الإسلام في الأندلس لم يمت في قلوبهم، وأنه يؤثر أن
يموت مسلماً مخلصاً لدينه ووطنه مما بذلوا له من وعود معسولة وأماني كاذبة
وكان لهذا الموقف الشجاع من مولاي عبد الله فعل السحر في نفوس المسلمين في
جميع أنحاء أسبانيا، فاندلعت الثورة كالنار في الهشيم، وقابل الأسبان ذلك
بمنتهى القسوة والشدة بل والحقد الجنوني، حيث مضوا في القتل والتخريب لكل
ما هو مسلم، وهدموا القرى والضياع والحقول حتى لا يبقى للثوار مثوى أو
مصدر للقوت.
كانت لهذه القسوة المفزعة أثر كبير على نفوس
الموريسكيين حيث فر كثير منهم من البلاد كلها إلى إخوانهم المسلمين في
إفريقية، وفى 28 أكتوبر سنة1570 أصدر فيليب الثاني قراراً بنفي
الموريسكيين من مملكة غرناطة إلى داخل البلاد الأخرى بأسبانيا، ويوزعون
على سائر الولايات الإسبانية بل مصادرة أملاكهم وأموالهم ، ووقع تنفيذ
القرار في مشهد يندى له جبين البشرية من الخزي حيث السفك والنهب
والاغتصاب، وسيق مسلمو غرناطة كالقطعان لمسافات طويلة حيث الجوع والعطش
والمرض ثم وضعوا بعد ذلك فيما يشبه المعسكرات الجماعية حيث بقوا رهن
المتابعة والرقابة الدائمة، وعين لهم مشرفاً خاصاً يتولى شئونهم ووضعت لهم
جملة من القيود من يخالف أدناها يقتل شر قتلة.
الخيانة ونهاية البطل
بعد
هذه الوحشية منقطعة النظير وبعد سلسلة من المذابح والمجازر البشرية
المروعة في حق مسلمي الأندلس وبعد فرار الكثير من الموريسكيين إلى إفريقية
وبعد نفي بقيتهم داخل أسبانيا لم يبق أمام الأسبان سوى آخر فرسان الأندلس
مولاي عبد الله وجيشه الصغير الذي ظل مقاوماً للصليبيين معتصماً بأعماق
الجبال، رافضاً للصلح أو المهادنة أو الخضوع لسلطة الصليب مهما كانت
التضحيات، وهو في هذه الأثناء يقوم بحرب عصابات ضد الحاميات الأسبانية
المنتشرة بغرناطة وأوقعت هذه الحرب خسائر فادحة بالأسبان، ولكنها أيضا
أنهكت قوة جيش مولاي عبد الله الصغير.ولأن هذا العصر وتلك الأيام كانت
توصف بالخيانة والعمالة وحب الدنيا وكراهية الموت والخوف على النفس والمال
والعيال، فلقد استطاع أعداء الإسلام أن يستقطبوا ويجندوا أحد ضباط مولاي
عبد الله محمد ويغروه بالأموال والمنح والوعود والعفو الشامل إذا استطاع
أن يسلمهم مولاي عبد الله محمد حياً أو ميتاً، وكان الإغراء قوياً ومثيراً
والنفوس ضعيفة، فدبر هذا الضابط الخائن خطته لاغتيال آخر أبطال الأندلس،
وفى ذات يوم هجم الخائن مع بعض من أغواهم على البطل مولاي عبد الله الذي
قاومهم قدر استطاعته ولكنه وبعد معركة غير متكافئة سقط شهيداً، فقام
الخونة بفعلة شنيعة حيث ألقوا جثته من فوق الصخور لكي يراها الجميع ويعلم
أسيادهم الأسبان بنجاح مخطط الغدر والخيانة، وهكذا تدفع الأمة من جديد ثمن
خيانة بعض أبنائها وتفقد ولداً باراً وبطلاً عظيماً قام بنصرتها والدفاع
عن عرضها وحاول استعادة مجدها ولكنه وللأسف الشديد زمن الخيانة والعمالة!.
هكذا يفعلون في أبطالنا
إن
ميراث الحقد والعداوة الدفين في قلوب أعداء الإسلام ضد كل ما هو مسلم
ليدعو كل صادق وغيور لأن يكون على استعداد دائم للمعركة التي يخطط لها
أعداء الإسلام، والصدام الوشيك بين الحق والباطل، وما فعله الأسبان بجثة
البطل الشهيد مولاي عبد الله يدل على مدى الحقد العمى المشتعل في قلوب
أعداء الإسلام، حيث قام الأسبان بحمل الجثة إلى غرناطة وهناك استقبلوها في
حفل ضخم حضره الكبار والصغار الرجال والنساء، ورتبوا موكباً أركبت فيه
الجثة مسندة إلى بغل وعليها ثياب كاملة كأنه إنسان حي ومن ورائها أفواج
كثيرة من الموريسكيين الذين سلموا عقب اغتيال زعيمهم، ثم حملت الجثة إلى
النطع وأجرى فيها حكم الإعدام، فقطع رأسها ثم جرت في شوارع غرناطة مبالغة
في التمثيل والتنكيل ومزقت أربعاً وأحرقت بعد ذلك في الميدان الكبير ووضع
الرأس في قفص من الحديد، رفع فوق سارية في خاصة المدينة تجاه جبال البشرات
معقل الثورة ومنشأها، وهكذا يفعلون في أبطالنا.
كان العالم الإسلامي مفتوح الحدود, تجتازه قوافل التجارة وأفواج الرحالة والحجاج المسلمون القاصدون بيت الله الحرام.
في
مستهل القرن الثالث عشر للميلاد، السابع للهجرة، بدأ إنشاء الجامعات في
أوروبا. ففي عام 1211م أنشئت جامعة باريس. وفي عام 1215م أنشئت جامعة
أكسفورد. وفي عام 1221م أنشئت مونبلييه بفرنسا. وفي عام 1228م أنشئت جامعة
سلمنكا في أسبانيا.
ومن هذه الجامعات التي ورثت علم العرب المطبوع
بالثقافة الهيلينية انبثق عصر النهضة. وكما كان سقراط وأفلاطون وأرسطو
وأرخميدس وايبوقراط وجالينوس وبطليموس وغيرهم من عباقرة اليونان رواد
العرب في العلم والفلسفة كذلك فإن الكندي والرازي والبتاني وابن سينا
والفارابي وابن الهيثم والبيروني وابن النفيس والزهراوي وابن زهر وابن رشد
وابن الطفيل وابن باجة وابن البيطار وغيرهم كانوا رواد.
الإثنين مايو 18, 2009 7:46 am من طرف عطا المصراوية
» قصر صدام حسين بلاتوه سنيمائى!!!
الإثنين مايو 18, 2009 7:23 am من طرف عطا المصراوية
» السعادة الحقبقية
الأحد مايو 17, 2009 9:20 pm من طرف عطا المصراوية
» مواقف ومعانى!!
الأحد مايو 17, 2009 8:05 pm من طرف عطا المصراوية
» الحب أعمى» والتمثيل لم يرضني
الأحد مايو 17, 2009 1:08 pm من طرف فيصل ابو ريشه
» غادة عبد الرازق
الأحد مايو 17, 2009 1:03 pm من طرف فيصل ابو ريشه
» تعدد الزوجات فى ظل التشريع الاسلامى
السبت مايو 16, 2009 6:38 pm من طرف عطا المصراوية
» فوائد القرنبيط الصحيه
السبت مايو 16, 2009 2:18 pm من طرف فيصل ابو ريشه
» فوائد البطيخ
السبت مايو 16, 2009 2:12 pm من طرف فيصل ابو ريشه