وفي عهد هشام الثاني استولى على الحكم المنصور بن أبى عامر إلى أن أسقطت الدولة
الأموية عام 422هـ، وبدأ عصر ملوك الطوائف، وقد كان لعبد الرحمن الداخل -مؤسس
الدولة- جهود حضارية متميزة، فقد جمل مدينة قرطبة وأحاطها بأسوار عالية، وشيد بها
المباني الفخمة والحمامات والفنادق، ومن منشآت عبد الرحمن المهمة جامع قرطبة الذي
لا
يزال ينطق حتى الآن بالعظمة والجلال، ثم نأتي إلى فترة حكم عبد الرحمن الناصر
الذي يعد عصره أزهى عصور الأندلس جميعًا، فقد حكم الأندلس خمسين عامًا أثبت خلالها
أنه أكفأ الحكام، وأحرز نجاحًا تامًا في ميدان السياسة والحضارة، وكانت قرطبة في
عهده تضاء بالمصابيح ليلًا لمسافة 16 كم2، وكانت مبلطة ومحاطة بالحدائق الغناء. وفي
سنة 422هـ سقطت الدولة الأموية بالأندلس لتبدأ عصور الضعف بعصر دول ملوك الطوائف،
فقد توزعت الأندلس على الأمراء فبنى كل منهم دويلة صغيرة، وأسس فيها أسرة حاكمة من
أهله وذويه، وبلغت هذه الدويلات أكثر من عشرين دويلة كان يسودها الاضطراب والفوضى
والفتن، وكانت هذه فرصة سانحة لكي يقوى شأن النصارى الأسبان، وكان الفونس أمير
النصارى يفرض إتاوات على بعض الإمارات التي تطلب مساعدته. وتفاقم الأمر بسقوط
طليطلة في يد النصارى سنة 478هـ فأسرع المعتمد بن عباد أمير دولة بنى عباد يستنجد
بدولة المرابطين في المغرب، واتفق مع يوسف بن تاشفين على مواجهة النصارى، وبالفعل
استطاع المسلمون تحقيق نصر عسكري كبير على النصارى في موقعة الزلاقة، وما لبث
المرابطون حتى استولوا على حكم الأندلس، وهى دولة مجاهدة استطاعت إنقاذ الأندلس من
السقوط فترة ليست بالقليلة من الزمن حتى ضعفت وتهاوت لترثها دولة الموحدين الذين
واصلوا حماية الأندلس بانتصارهم على النصارى في موقعة الأرك، واستمرت الأعمال
العسكرية بينهما حتى أخذ الموحدون ضربة قاسية بهزيمتهم في معركة العقاب، وكانت هذه
الهزيمة من أسباب تحطيم الوجود الإسلامي في الأندلس كلها فقد سقطت دولة الموحدين
وسقطت إشبيلية، وتهاوت كثير من المدن الأندلسية أمام زحف النصارى، فقد سقطت سرقسطة
سنة 512هـ، وبعدها مرسية سنة 633هـ وتبعتها المرية، ومالقة، وبلنسية، وأشبونة
وأصبح حكم المسلمين محصورًا في غرناطة التي أسس عليها بنو الأحمر أو بنو نصر دولة
حكمت قرابة قرنين ونصف من الزمان حتى تهاوت هي الأخرى وبسقوطها تم سقوط الأندلس سنة
897هـ
.
والآن يسرنا أن نصحبكم في جولة سريعة لنطالع روائع الحضارة الإسلامية
في
الأندلس عبر العلوم والفنون والآثار وأبرز ما نشاهد بالأندلس هذه الإنجازات
المبهرة في العمارة فلا يزال العالم يشاهد وبإعجاب قصور المعتمد بن عباد في
إشبيلية، وقصر الحمراء في غرناطة الحمراء. ومن القصور إلى
المساجد فنشاهد روائع فن العمارة في: مسجد قرطبة الجامع، وجامع الموحدين بإشبيلية،
والمسجد الجامع بالمرية، وقد اهتم حكام الأندلس بالعمارة الحربية فبنوا الأسوار
والقلاع والقناطر، ولعل أبرز مثال نشاهده في ذلك أسوار قرطبة، و قناطر طليطلة. وكان
الطراز الأموي بالأندلس هو أبرز سمات الفن الأندلسي، ومن خلاله برع الأندلسيون في
فنون النحت على الخشب، وزخرفة الخزف والنسيج إلى جانب التحف المعدنية الرائعة.
وافتحوا معي عقولكم، وركزوا أسماعكم معي ونحن نتحدث عن أروع صفحات الحضارة
الإسلامية في الأندلس في مجال العلوم. فقد بدأت الحركة العلمية في الأندلس منذ
استقرار المسلمين على أرضها، وكانت أهم ملامح هذه الحركة تشجيع الحكام والأمراء على
التعليم، وبناء المدارس والمكتبات، وكان بعض الحكام يدفعون الأموال الطائلة لشراء
الكتب، وتشجيع الحركة العلمية التي قامت على أسس إسلامية ومنهج تجريبي في العلوم،
فشهدت الأندلس نهضة شاملة في العلوم النظرية والعملية في الوقت الذي كانت فيه أوربا
تتخبط في ظلام الجهل والتخلف إلى أن بدأ انتقال الحضارة الإسلامية إلى أوربا شيئًا
فشيئًا من خلال الترجمة. ونبدأ بالعلوم النظرية فقد برع في علوم القرآن وعلم الحديث
الشريف عدد كبير من العلماء، ولعل أشهرهم الإمام القرطبي صاحب كتاب "الجامع لأحكام
القرآن"، وفي الفقه شهدت الأندلس انتشارًا كبيرًا لمذهب الإمام مالك بن أنس ثم
تبعه المذهب الشافعي، ولعل أجمل ما يدرس في العلوم النظرية الأدب الأندلسي الذي
ازدهر مع تطور البحث في علوم اللغة العربية، ولا ننسى الفلسفة وعلم الكلام، فقد برز
فيها الفيلسوف الشهير ابن رشد، وأما في التاريخ والجغرافيا فقد برع كثير من العلماء
ومنهم: ابن الفرضي، ومحمد بن الحارث الخشني، وأما في العلوم العملية فقد كان من
أوائل من اشتغل بالرياضيات والكيمياء في الأندلس أبو القاسم المجريطي، كما برع عباس
بن
فرناس في علم الهندسة، وهو أيضًا صاحب أول محاولة للطيران، ونبغ في علم الفلك
أبو عبيدة القرطبي، ولا ننسى أن نشير إلى أشهر أطباء الأندلس أبو القاسم الزهراوي
الذي برع في الطب والصيدلة، وبرع فيهما أيضًا الطبيب العلامة ابن البيطار الذي
اشتهر بدراسة النبات وساهم في تقدم الزراعة بالأندلس، ومن الجدير بالذكر أن هذه
النهضة العلمية واكبتها نهضة إدارية من خلال عدد من المؤسسات والنظم الرائدة في
الحكم ومنها الإمارة والوزارة، وقد تطورت أنظمة القضاء والشرطة والحسبة. وقد عمل
حكام الأندلس على تنظيم جيش قوى وأسطول بحري يساعده تقدم ملموس في الصناعات
المختلفة، وقد وقف خلف كل هذه الإنجازات المئات من أعلام المسلمين بالأندلس والذين
لا
يتسع المجال لذكرهم. فأترككم لتتصفحوا سيرتهم لنأخذ منها الدرس والقدوة الصالحة
والذكرى العطرة
الإثنين مايو 18, 2009 7:46 am من طرف عطا المصراوية
» قصر صدام حسين بلاتوه سنيمائى!!!
الإثنين مايو 18, 2009 7:23 am من طرف عطا المصراوية
» السعادة الحقبقية
الأحد مايو 17, 2009 9:20 pm من طرف عطا المصراوية
» مواقف ومعانى!!
الأحد مايو 17, 2009 8:05 pm من طرف عطا المصراوية
» الحب أعمى» والتمثيل لم يرضني
الأحد مايو 17, 2009 1:08 pm من طرف فيصل ابو ريشه
» غادة عبد الرازق
الأحد مايو 17, 2009 1:03 pm من طرف فيصل ابو ريشه
» تعدد الزوجات فى ظل التشريع الاسلامى
السبت مايو 16, 2009 6:38 pm من طرف عطا المصراوية
» فوائد القرنبيط الصحيه
السبت مايو 16, 2009 2:18 pm من طرف فيصل ابو ريشه
» فوائد البطيخ
السبت مايو 16, 2009 2:12 pm من طرف فيصل ابو ريشه